المعرفة المُحرمّة


كان واجبهم الحفاظ على المعرفة والتكنولوجيا السرّية التي جائت من العصور القديمة ، والسعي لتحقيق الحكمة التي من شأنها أن تفيد البشرية ، كان لديهم القدرة على السيطرة على مصير الجنس البشري ، كل واحد منهم كان في حوزته كتاب خاص ، إنهم تسعة رجال مجهولين مثّلوا واحدة من الجمعيات السرّية الأقوى في العالم ، وجيلاً بعد جيل يختار كل واحداً منهم رجلاً آخر يعهد إليه بحفظ المعارف السرّية القديمة التي من شأنها أن تغير كل المفاهيم السائدة عن تاريخ جنسنا البشري ، نتحدث اليوم عن قصة وأسرار الرجال التسعة المجهولين الذين امتلكوا المعرفة المُحرمّة ونتحدث عن كتبهم الخاصة  .

قصة الرجال التسعة

في الواقع أن الرجال التسعة تعود قصتهم إلى زمن "الإمبراطور أسوكا" الذي ملك الهند في سنة 273 قبل الميلاد ، كان الإمبراطور أسوكا شخصاً رائعاً وحكيماً ويملك كاريزما خاصة لا تتوفر في غيره من الملوك والأباطرة ، في كتابه "موجز تاريخ العالم" كتب العالم والمؤرخ البريطاني الشهير هـربرت جورج  ويلز : "من بين عشرات الآلاف من أسماء الملوك عبر التاريخ ، فإن إسم أسوكا يُشرق وحده تقريباً وكأنه نجم ساطع ، كان أسوكا رجلاً ذكياً وحكيماً وأدرك الرجل أن الكثير من الإكتشافات العلمية والتكنولوجية كانت تستخدم في الشر وقرر أنه بدلاً من ذلك لا بد من إستخدامها في سبيل الخير ولصالح الإنسانية جمعاء عبر كل العصور وأن يتم وضع أسرارها في أيدي أمينة لا تستخدمها إلا لصالح البشرية" وذكر هـ.ج.ويلز أن الإمبراطور أسوكا تغيرت طبيعته تماماً بعد معركة "كالينجا" التي تقع الآن بين كلكتا ومدراس ، حيث كان من المفترض أن تكون معركة سهلة وسريعة ولكن "الملك كالينجاس" قاوم بشراسة قوات الإمبراطور أسوكا وخسر أسوكا في تلك المعركة الدامية أكثر من مائة ألف جندي وانتهت بمجزرة عظيمة صدمت الأمبراطور وشعر من بعدها بانزعاج شديد ، حيث كانت تلك المعركة منعطفاً تاريخياً في حياته فقد حوّل الحدث الإمبراطور من ملك محارب إلى رسولاً للتسامح والأخوّة الإنسانية بعد أن فُجع بوقائع الحروب وآلامها وآثارها المأسوية على البشرية ، وتعزز لديه الإيمان بالتعاليم الدينية التي تدعو إلى إحترام الحياة بكل صورها فاعتنق التعاليم البوذية بلا تعصب من دون أن يتخلى عن كل شيء في الديانة البرهمية ومن دون أن يُنكر معتقدات الآخرين ، ومن ثم عمل أسوكا في سياساته على تطوير توجهاته ومعتقداته الجديدة ، حيث كان أسوكا بعد ذلك يحترم جميع الأديان والترويج للسلام وفقاً لرغبات الله وأدرك أخيراً أنه ينبغي لجميع الكائنات الحية على الأرض أن تنعم بالأمن والسلام والسعادة والعيش في حُرية كاملة ، بل أن الإمبراطور أسوكا تغير حتى في نظامه الغذائي وأصبح نباتياً وألغى شرب الكحول وذبح الحيوانات ، في الواقع قد أصبح الإمبراطور أسوكا رمزاً علمياً وإنسانياً عظيماً وتفرد بالجمع بين السُلطات الزمنية والسُلطات الروحية وكان شديد الإقتناع بقيمه الأخلاق ونبذ العنف والعدل بين الناس ، وكانت من أكثر أقواله المهمة : "كل الناس أبنائي ، وليس من الواجب على المرء أسمى من العمل لخير الإنسانية كلها" كل ذلك أدى إلى أن أسس الإمبراطور أقوى جمعية سرّية في التاريخ والتي تتكون من 9 رجال أو علماء مهمتهم تطوير وصون المعرفة التي من شأنها أن تشكل خطراً على البشرية ، ومن ضمنها أسرار المعارف التيكنولوجية الخطيرة جداً التي كانت قد عُرفت قبل أكثر من 15 ألف سنة مضت ، وأختار تسعة رجال من ألمع العقول من الذين امتلكوا العلم والمعرفة والقدرات المتميزة ، وأسس في ذلك الوقت جمعية سرّية تضمنت تسعة رجال عظماء مجهولين وكانت جمعيتهم السرّية ولا زالت من أقوى الجمعيات في العالم ، وقد تجنب هؤلاء التسعة جميع الإتصالات الإجتماعية وتم إخفائهم عمداً عن المجتمع وعن أعين الجمهور ، وكانوا لا يشاركون أبداً في أي نزاعات دينية أو سياسية ، وفي الواقع هناك القليل من المعلومات عن هؤلاء الرجال التسعة المجهولين الذين سوف نتطرق إلى أهدافهم ومن ضمنها عدم السماح لطرق التدمير أن تتوفر في أيدي الأشخاص غير المؤهلين لها سواء كانوا علماء أو ملوك أو رؤساء دول ، والسعي وراء المعرفة التي من شأنها أن تفيد البشرية ، وتعهدوا بالسرّية التامة منذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا ، وهم كانوا ولا يزالون مصدراً لكل العلوم والتقنيات المستخدمة في العصر الحديث لتكون مخفية وراء قناع باطني من الناس الذين امتلكوا العلوم السرّية حصراً وعرفوا أسرار الظواهر الخارقة للطبيعة منذ آلاف السنين.

الملك أسوكا "العظيم"

في الحقيقة لست من هواة التحدث عن الملوك أو حياتهم الخاصة فهذا ليس شأني ، لكن هذا الملك العظيم استثناء خاص بالنسبة لي ، وبما أن هذا الملك هو من أسس هذه الجمعية السرّية فلا بد أن نتحدث عنه ونعّرفه لكم ، فهو الملك الثالث لسلالة "ماوريان" الهندية ولد في عام 304 قبل الميلاد وتوفي عام 232 قبل الميلاد وكان أهم حُكام الإمبراطورية الماورية في الهند وهو من قام ببناء "أعمدة أسوكا الشهيرة" التي نُقش عليها أوامر الإمبراطورية الماورية باللغة البرهمية وكان له دوراً كبيراً في ترسيخ وحدة بلاد شبه القارة الهندية وفي نشر التعاليم البوذية في الهند وخارجها ، وكان قد تلقى تعليماً خاصاً ومتميزاً لمدة خمسة عشر عاماً قضاها بين العلماء وأصحاب الخبرات ، وكان ايضاً من أجمل الملوك شكلاً ، عهد إليه والده بعدة مهمات للمشاركة في حمل أعباء الإمبراطورية واكتسب خبرات واسعة في إدارة الإمبراطورية لأنه كان نائباً لوالده في عدد من المقاطعات ، وعندما توفي والده كان أفضل إخوته لما اكتسبه من خبرات إدارية وعلمية واسعة وكل ذلك أدى إلى تأييد الوزراء القوي له ، فعمل جاهداً على المحافظة على وحدة الإمبراطورية وسعى إلى توسيع حدودها واستطاع أسوكا بسياسته الحكيمة أن يوحد تحت حكمه كل شبه القارة الهندية وكان من أكثر الملوك نجاحاً في الربط بين الأخلاق والسياسة والتعاليم الدينية .

الهدف من تأسيس جمعية الرجال التسعة

لطالما كان الرجال التسعة مسؤولين عن منع كل من يحاول استخدام المعارف السرّية في غير مكانها الصحيح ، وكما ذكرت فإن الهدف الأساس لهذه الجمعية كان ولا يزال هو عدم السماح لهذه العلوم والمعارف السرّية الخطيرة الوقوع في أيدي أشخاص غير مؤهلين لها ، وإلى السعي الدائم وراء المعرفة والتقدم العلمي الذي من شأنه أن يفيد البشرية جمعاء ،والنقطة الأهم هو أنه قد تقرر أن يتم تجديد الرجال التسعة في كل زمان ومكان ، جيلاً بعد جيل عن طريق المشاركة في الخيار وكل واحد من هؤلاء الرجال التسعة يقوم بتوريث من بعده لمن يراه مؤهلاً للحفاظ على سرّية المعلومات والتقنيات المتوارثة من العصور القديمة ، في الواقع كثير من العلماء يعتقدون بوجود هؤلاء وحتى الحصول على المشورة والرسائل السرية كلما اقتضى الأمر ، حيث يمكن للمرء أن يتصور أهمية المعارف الإستثنائية التي في حوزة هؤلاء الرجال التسعة والإستفادة المباشرة من التجارب والدراسات والوثائق التي تراكمت على مدى أكثر من 2000 عاماً مضت ، البابا "سيلفستر الثاني" المعروف أيضاً بإسم "جيربير دي أوريلاك" والذي ولد في أوفيرني في عام 920 هو البابا الوحيد الذي ذهب في رحلة غامضة إلى مكان مجهول والتقى بالرجال التسعة ، واشتهر أنه قد إكتسب أنواع مختلفة من المهارات التي أذهلت الجميع ، مع العلم أن البابا سلفستر الثاني هو البابا الوحيد ايضاً الذي تعلم اللغة العربية وأتقن العلوم العربية وقد أعتبر بعض المؤرخين أن الإستشراق في الأساس يعود إليه لأنه قصد بلاد الأندلس الإسلامية وتتلمذ على أساتذتها العرب في أشبيلية وقرطبة حتى أصبح أوسع علماء عصره من الأوربيين إطلاعاً ، وقد تقلد فيما بعد منصب البابوية في روما بإسم سيلفستر الثاني ، حيث أن ذلك يمثل دليلاً واضحاً أن الرجال التسعة المجهولين قد أجروا إتصالات خاصة مع العالم الخارجي ومع القليل من الناس الذين يتم إختيارهم بعنايه تامة في مناسبات نادرة ، وكثير من العلماء والباحثين مقتنعون بأن هؤلاء الرجال موجودون فعلاً حتى في العصر الحديث ، ووفقاً للكاتب الفرنسي الغامض "لويس جاكولي" قال أن الجمعية السرّية للرجال التسعة لديها كل العلوم السرّية منذ آلاف السنين للطاقة الكونية والطاقة النووية وعلم التعقيم بالإشعاع وعلم الحروب النفسية وكل الموضوعات التي عرفتها حضارتنا الإنسانية الحديثة أو التي كانت قد اكتشف مؤخراً .

المعارف والعلوم الأساسية 

ذكر عدد من المؤرخين والعلماء ومن ضمنهم المؤرخ والكاتب الإنجليزي المعروف "تالبوت موندي" في عام 1927 أن كل رجل من الرجال التسعة يمتلك كتاباً خاصاً يُعاد تحديثه باستمرار عبر الزمن ، وكل كتاب يتضمن معلومات سرّية عن موضوع علمي معين ، الكتاب الأول يتناول أساليب الدعاية والحرب النفسية ، ويناقش الكتاب الثاني علم وظائف الأعضاء ، والكتاب الثالث يتضمن كل ما يتعلق بعلم الأحياء المجهرية ، والكتاب الرابع يتضمن كل أسرار علم الخيمياء وتحويل المعادن حيث يمكن تحويل كميات كبيرة من المعادن إلى الذهب الخالص وفق شروط وضوابط علمية معينة ، أما الكتاب الخامس فيتضمن دراسة جميع وسائل الإتصالات من داخل الكرة الأرضية وخارجها بما في ذلك الإتصالات مع الكائنات الفضائية ، وركز الكتاب السادس على أسرار الجاذبية ، أما الكتاب السابع فهو متعلق بعلم الكونيات ونشأة الكون والقدرة على السفر بسُرعات هائلة عبر الزمن من خلال أسرار علم الزمكان ، والكتاب الثامن يركز على التعامل مع الضوء والقدرة على زيادة ونقصان سرعة الضوء لإستخدامه كسلاح من خلال تركيزه في إتجاهات معينة ، وأما الكتاب التاسع والأخير يتضمن علم الإجتماع وقواعد تطوير المُجتمعات ووسائل التنبأ بما في ذلك القواعد المتعلقة بتطوير المجتمعات وكيفية التنبؤ بزوالها ، كل ذلك كان مبرراً من قبل الإمبراطور أسوكا إلى إنشاء هذه الجمعية العلمية السرّية التي تألفت من تسعة من العقول اللامعة التي أخفت معرفتها العظيمة عن الناس حتى يومنا هذا .

في الختام يجب علينا أن نفهم أنه لم يكن الهدف من إنشاء هذه الجمعية هو تأخير أو إخفاء التقدم الفكري والعلمي ولكن لحمايته ، حيث كانت نيّة الأمبراطور أسوكا عدم فرض قيود لصالح أي طبقة إجتماعية والمساواة بين جميع الطبقات الإجتماعية و لمصلحة البشرية جمعاء ، وكذلك لا بد من تصحيح المفهوم السائد الذي يقول أن الجمعيات السرّية كانت دائماً لديها أفكاراً عدائية أو توسعية للسيطرة على العالم ، ليس ذلك ولكن الهدف الدائم من تلك الجمعيات هو الحفاظ على المعرفة من أن تقع في أيدي من لا يستحقها ، وهذا الهدف السامي كان ولا يزال هو الهدف الرئيسي لكل الجمعيات والمنظمات السرّية القديمة الأخرى في العالم سواء كانت عند المصريين القدماء أو كهنة التبت والمايا وغيرها من المنظمات السرّية القديمة .... على الرغم من أن أنصار نظريات المؤامرة كثيراً ما يستشهدون بالجمعيات أو المنظمات السرّية ومن ضمنها جمعية الرجال التسعة كواحدة من أقدم وأقوى وأخطر الجمعيات السرّية في العالم التي تسعى للهيمنة والسيطرة على مصير الجنس البشري ، ولكننا نعتقد أن الثيوصوفيين التسعة أسسوا منظمة سرّية حقيقية تعمل دائماً لخير العالم وليس العكس .

التالي
انت في احدث موضوع
السابق
شكرا لتعليقك