العماليق : بين المعتقد والأسطورة



على مر التاريخ الإنساني نجد قصص كثيرة تتحدث عن العماليق سواء في الأديان والثقافات أو الموروثات الشعبية والأساطير ، فهل وجدت العماليق فعلاً في عصور قديمة خلت ؟ وهل بعض الإكتشافات للعظام والهياكل الكبيرة وما ذكر عنها في الثقافات والسجلات المقدسة يؤكد وجود تلك العماليق ؟ وهل المباني الصخرية الضخمة في البيرو وهضبة الجيزة تُعطي احتمالاً على أن من بنا تلك المباني العملاقة هم العماليق ؟ 
وهل صحيح ما يُشاع على أنه يتم الإحتفاظ بالعديد من الإكتشافات بالذات تلك التي تتعلق أو تشير إلى أنه هنالك ثمة عماليق من حيث الهياكل العظمية الكبيرة والغريبة المكتشفة ، وذلك لأسباب مختلفة ، ومن ضمن هذه الأسباب أن بعض علماء الآثار "يخشون من تصريحات تثبت وجود العماليق حتى لا يطردوا من مهنتهم أو أن يكونوا أضحوكة أو مثار للسخرية !" وهل صحيح أن بعض العلماء لا يريدون أن نعرف هويتنا الإنسانية ومن أين أتينا على غرار علماء النظرية الداروينية ويتم حفظ مثل هكذا عظام أو اكتشافات وآثار في الظلام ! لأن إخفائها يخدم سياساتهم بطريقة أو بأخرى ! اسألة من ضمن عدة اسألة تتعلق بفكرة وجود العماليق من عدمها ، في الواقع أن فكرة وجود الإنسان العملاق ليست مُغرية لإنسان العصر الحديث ولكن ما دفعنا للحديث عن ذلك هو السؤال هل كان العماليق موجودين حقاً أم أنهم ليسوا إلا مجرد أسطورة ؟ حيث انتشرت قبل سنوات اكتشافات مزعومة عن وجود عماليق عاشوا في العصور القديمة على هذه الأرض .
وعندما نرى الصور التي التقطت لهياكل عظمية عملاقة نرى أنها بالفعل كأنها كانت موجودة ، ولكن قبل تحليل هذه الصور في عصر "الفوتوشوب" أريد أن أتحدث عن الوثائق التاريخية التي تحدثت عن العماليق ، والكتاب المقدس بلا شك هو واحد من أكثر الكُتب التي تحدثت عنهم وهو يعرض أو يتحدث عن المعركة الشهيرة بين داود وجالوت ، جالوت الذي وصف بأن طوله يزيد عن 3 أمتار ، مع أن البعض يعتقد أن جالوت مثلاً لم يكن موجوداً أصلاً وإنما ظهرت قصته كتعبير مجازي للتعبير عن قوة الله ، ولكن في حقيقة الأمر وجدت عظام بشرية كثيرة بأحجام كبيرة تُظهر أن أصحابها كانوا فعلاً من العماليق ، وهذا يُظهر ايضاً أن جالوت ربما كان عملاقاً حقيقياً ، على الرغم من أن بعض الناس يرفضون قبول حقيقة العثور على عظام بشرية عملاقة من خلال التشكيك المستمر والتظليل على الناس وعلى الفكرة بأكملها .
أيضاً العديد من الثقافات والموروثات الشعبية والأساطير اليونانية تُظهر العديد من الشخصيات على أنها كانت عمالقة ، كما ذكر في الأساطير الرومانية المحارب العملاق بوليفيموس ، وبالعودة إلى الحديث حول العديد من الصور المنتشرة على شبكة الإنترنت عن الجماجم والعظام البشرية العملاقة وعن العماليق ، في البداية كان يُعتقد أن هذه الصور تبدو كأنها حقيقية ،ولكن في مسابقة أجريت على موقع worth1000.com  وهو موقع مشهور ومعروف بهذا النوع من المسابقات ، أثبتت تلك المسابقات أن صور الهياكل العظمية العملاقة تلك هي هياكل وهمية تماماً ، وأن العديد من الصور في التقرير كانت غير صحيحة ومفبركة ، وهي ليست إلا صور مركبة شارك بها أصحابها في مسابقة للتلاعب بالصور بواسطة برنامج  فوتوشوب ، وبغض النظر عن هذا  فمجرد التأمل والتفكر في ما جاء في الكتب المقدسة والثقافات والأساطير حول العماليق ممكن أن يعطينا ولو ذرة حقيقة في إمكانية وجودهم في عصور خلت ، لأنه خلال عمليات التنقيب المنتشرة حول العالم تم العثور على عظام كبيرة وعملاقة في جميع أنحاء الأرض ، كما أنه توجد براهين وأدلة في الثقافات والأديان المختلفة على دعم نظرية وجود العماليق ، في جنوب إفريقيا مثلاً اكتشف واحد من أفضل الأدلة التي تقطع حسب رأي المؤمنين بالعماليق على أنه ثمة هنالك عماليق على الأرض منذ وقت طويل كما سترون بالفيديو أدناه ، إنه اكتشاف مثير لطبعة قدم عملاقة في جنوب إفريقيا ، عندما تعجب علماء الجيولوجيا من طبعة القدم العملاقة تلك على الحجر الجرانيتي بطول 4 أقدام ، مع أن المشككين يقولون أنها تكونت نتيجة عوامل التعرية الطبيعية ، ولكن تبدو القدم بخمسة أصابع ! فكيف تكونت بسبب عوامل التعرية الطبيعية بتلك الدقة .

شاهد الفيديو

إكتشافات تعطي أدلة على وجود العماليق 
في أواخر عام 1950 كانت تُجرى عمليات لبناء طرق في تركيا ، وأثناء عمليات الحفر تم العثور على مقابر ، وكانت تلك المقابر عملاقة ، فطول القبر الواحد 4 أمتار "13 قدم" وفي تلك المقابر تم العثور على عظمة فخذ لإنسان يصل قياسها إلى 47.25 بوصة في الطول ، وهذا يعني أن هؤلاء الناس كانوا ما بين 14 و 16 قدم ، وقد نقلت هذه العظام إلى متحف "الخلق" في ولاية تكساس ، وفي نيكاراغوا تم العثور على هيكل عظمي لرجل عملاق كبير جداً يصل طوله إلى 13 قدم ، وفي مقاطعة أنتريم في جمهورية آيرلندا تم إكتشاف عملاق متحجر "المعروض بالصورة"من قبل عُمّال المناجم خلال أنشطة التعدين من تحت الأرض ، وكانت القياسات الرئيسية له على النحو التالي :
إرتفاع 12 قدم و 12 إنش أو بوصة ، محيط الخصر : 6 أقدام و 6 إنشات ، طول الأذرعة : 4 أقدام و 6 إنشات ، الوزن : 2 طن ...
للأسف لم يتمكن حتى الآن أي عالم من الحصول على نتائج مقنعة لمستحاثة أو أحفور هذا العملاق أو تحديد أصوله وعمره خلال الحقب التاريخية والجيولوجية الماضية ومن النادر جداً أن يُحفظ الكائن بشكل كامل بجميع أجزائه الصلبة أو الرخوة لأن حفظها يحتاج إلى بيئات وظروف مختلفة ، كالماموث مثلاً الذي عثر عليه كاملاً في سيبيريا ، ووحيد القرن الصوفي الذي وجد محفوظاً في الطبقات الإسفلتية في أوروبا الشرقية .
الملفت للإنتباه أيضاً أن هذا العملاق لديه ستة أصابع في اليدين والرجلين ونجد أن ذلك قد ذكر في العهد القديم بالفعل من الإصحاح الثاني في سفر صموئيل 20 : 21 حيث ذكر ما يلي : وجرت معركة رابعة في جت ، كان من المحاربين فيها رجل طويل القامة له ستة أصابع في كل يد وفي كل قدم ، فكانت في جملتها أربعة وعشرين أصبعاً ، وهو أيضاً من أبناء رافا 

ايضاً تم العثور على جمجمة بشرية في تل الدفن في سيركلفيل - أوهايو بالولايات المتحدة الأمريكية ، وكذلك عُثر على طبعات لأقدام عملاقة بقياس 21.50 بوصة وأكثر من 8 بوصات عبر أصابع القدم في نفس الولاية ، وتم حساب مقدار سرعة تلك الأقدام عن طريق الخُطى وتبين لهم أن أصحاب تلك الخُطى كان إرتفاعهم يصل إلى أكثر من 12 قدم  ، ومع ذلك نجد أن أصحاب "نظريات التطور" طالما يرفضون تلك الإكتشافات ، أو المقتنعين بها من الداروينيين يرفضون فكرة وجود عمالقة أو عماليق لأن ذلك لا ينسجم مع نظرية التطور ودائماً ما يتم تجاهل حقيقة وجود آثار لهياكل وعظام بشرية كبيرة ، وفي موقع في كينيا إكتشف العالم الشهير "ماري ليكي" خُطى ومسارات لإنسان عملاق وكان عمر تلك الخُطى لا يقل عن 3750000 سنة وكان ذلك التقدير لعمر تلك الخُطى العملاقة يمثل مشكلة كبيرة جداً لأصحاب نظرية التطور لأنهم لا يريدون الإعتراف ببأي شكل من الأشكال أن البشر كانوا في ذلك الحين بأجسام وأجساد عملاقة ، والغريب أنهم قد برروا ذالك الإكتشاف بأن العالم "ماري ليكي" "وهو واحد من أهم العلماء في هذا المجال" اخطأ في تقدير آثار قدم ذلك الإنسان لأن الخُطى ليست واضحة أو تدل على أنها فعلاً كانت آثاراً لقدم إنسان عملاق .

و في ولاية مينوسوتا عام 1888 تم إكتشاف بقايا هياكل عظمية من 7 إلى 8 أقدام طويلة القامة ، وفي عام 1965 تم العثور على هيكل عظمي مدفون بقياس 8 أقدام و9 بوصة تحت صخرة في شرق ولاية كنتاكي ، و في عام 1925 في فرنسا عثر عالم الآثار "إميل فرندون" على 300 قطعة أثرية من الفخار والأدوات والمجوهرات والخشب والمصنوعات اليدوية وعظام بشرية عملاقة وقدر عمر هذا الإكتشاف بـ15 ألف سنة قبل الميلاد وكان حجم الأدوات والمجوهرات والأساور كبيراً جداً وكانت مُصممة خصيصاً لأطراف وأذرعه عملاقة ، وكذلك تم العثور على فك إنسان بشري يعود عمره إلى 4000 سنة في الصين واستناداً إلى حجم ذلك الفك مع الإنسان يقدر حجمه بنحو 10 أقدام ، وفي عام 1800 في مقبرة قديمة تقع بالقرب من مقاطعة برادفورد ساير - بنسلفانيا وجدت هياكل عظمية يصل إرتفاعها حوالي 7 أقدام في الطول ، وتُشير التقديرات بأنه تم دفنها حوالي سنه 1200 ولكن الغريب في تلك الهياكل هو وجود نتوءات في منطقة الحاجب في الجمجمة تشبه الحُفر الصغيرة .

العماليق في المعتقدات
ذُكر إسم العماليق كثيراً في الأديان السماوية الثلاث خصوصاً في الكتاب المقدس حيث ذكر في سفر الخروج الإصحاح 17 فقال موسى ليشوع : "خذ خيرة رجالك واخرج لمحاربة العماليق ، وغداً أقف على رأس التلة وعصا الله في يدي"
ففعل يشوع كما قال له موسى وحارب العماليق ، وموسى وهارون وحور صعدواً إلى رأس التلة ، فكان إذا رفع موسى يده ينتصر بنو إسرائيل ، وإذا حط يده ينتصر العماليق ، فهزم يشوع بني عماليق بحد السيف ، وقال الرب لموسى : "أكتب خبر هذا النصر ذكراً في الكتاب وقل ليشوع : سأمحوا ذكر عماليق من تحت السماء ، وقال: رفع بنو عماليق أيديهم على عرش الرب ، فسيحاربهم الرب جيلاً بعد جيل، وجاء بنو العماليق ، فحاربوا إسرائيل في رفيديم".
وفي القرآن الكريم هناك ثمة إشارات على وجود العماليق كما جاء في الآيات : "فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة ، أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون" . "فصلت 15" والآية "إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون" الأعراف 69 وفي سورة هود 128-130 "أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبّارين" ونلاحظ أن في تلك الآيات إشارت إلى أن قوم عاد كانوا من ذوي الأجسام الضخمة والعملاقة والمشهورين ايضاً في بناء الصروح العظيمة والقصور الفارهة.
 
ذرية العماليق 
أطلق العرب إسم العماليق على قبائل الكنعانيين والأموريين الذين كانوا يسكنون شبة الجزيرة العربية والذين يعتبرون من أقدم الأمم التي سكنت الجزيرة العربية والذين يُعتقد أنهم من ذرية "عمليق بن لاوذ بن ارم بن سام بن نوح" وعاصروا الأنبياء وتفرقوا في أنحاء العالم وحكموا بُلدان كثيرة ، وقد وصفت التوراة الأموريين بأنهم "أقوياء وعظماء القامة كمثل ارتفاع أغصان الأرز" وأنهم احتلوا أرض شرق وغرب الأردن ، ويرى الطبري أن جدّهم عمليق هو أول من تكلم العربية ، وأسفار التوراة ذكرت العماليق عدة مرات وسمتهم بإسم العماليق مرة وبأسم الجبابرة مرة أخرى وذكرت أسماء زعمائهم ومدنهم  ، وذكر ابن خلدون في كتابه تاريخ ابن خلدون ، أن من العماليق بنو لف وبنو هزان وبنو مطر وبنو الأزرق وبنو الأرقم ومنهم بُديل وراحل وظفار والكنعانيين وبرابرة الشام وفراعنة مصر ، وعادتاً يُذكر العماليق بوصفهم شعباً معادياً لليهود ويعدّهم اليهود من أعدائهم الأزليين كما جاء في التوراة "والآن إذهب واضرب العماليق وحرمّوا كل ماله ولا تعف عنهم بل اقتل رجلاً وامرأة طفلاً ورضيعاً بقراً وغنماً جملاً وحماراً" صموئيل الأول 15 ، وقد ذكر إسم العماليق أيضاً في الكتابات الآرامية بالعراق وسوريا على أنهم كانوا جنود في مماليك الرافدين والشام وقد فسّر الباحثون وعلماء الآثار كلمة عماليق على أنها الجنود البدو ، عمّو أو عمّا "بدوي" ، ليق يعني "جندي" .
 
أخيراً .. قد حاول الكثير من العلماء محاولة إثبات وجود العماليق من خلال بعض الآثار والعظام البشرية العملاقة المكتشفة وأيضاً في أساطير الثقافات القديمة ، وعلى الرغم من أن العديد من النصوص المقدسة تحدثت عن العماليق ، إلا أن المشككين يقولون دائماً بأنهم لا يجدون أي أثر يثبت فعلاً وجود العماليق سواء من خلال علم البيولوجيا البشرية أو علم الآثار .

السابق
شكرا لتعليقك