كيف ظهرت اسطورة النباتات الشيطانية الشهيرة في الأفلام؟








قدمت السينما الامريكية والعالمية عدة نماذج لنباتات متوحشة وشيطانية تهاجم الناس وتنشر الرعب , او تنمو بطريقة جنونية ونتنشر بسرعة فائقة لتغطي مساحات شاسعة في عدة دقائق , ولكن هل هناك شيء حقيقي يشبه هذه الكائنات المتوحشة ام ان كل القصة عبارة عن وهم وخيالات من ابداع كتاب الروايات ومنتجي الأفلام السنيمائية , وقد استعملت اما لزيادة الاثارة والرعب في الأفلام او لإيصال رسالة سياسية او بيئية ما وذلك اما لمحاربة التلوث البيئي او الجشع الاقتصادي والسياسي.

هل النباتات الشيطانية حقيقة ام وهم مطلق وما اهم الظواهر المشابهة لها

كان اول ذكر لعلاقة النباتات بالشيطان عام 800 للميلاد عندما تحدث رجل دين فرنسي يدعى ليون عن طقوس غريبة يقوم بها مجموعة من عبدة الشيطان ويستعملون فيها بعض بذور النباتات التي وصفها بأنها شيطانية , وفي بدايات القرن العشرين انتشر الحديث عن طقوس شيطانية او نباتات بها مس شيطاني مسئولة عن رسم  دوائر المحاصيل في الحقول والتي انتشرت بكثافة في أوروبا في الفترة اللاحقة, ويمكن القول ان غالبية الديانات الموجودة في العالم تؤمن ان هناك نباتات ملعونة او شيطانية وأخرى مقدسة او ملائكية وذلك بناء على بعض النصوص او بعض الروايات المتوارثة والتي أصبحت جزءا من عقيدة بعض الشعوب  .

ظهرت النباتات المتوحشة الاكلة للحوم البشر في مئات الأفلام والألعاب الالكترونية وحتى الأفلام والمسلسلات الكرتونية , وقد تطور شكل هذه النباتات حسب الحقبة التاريخية وذلك بسبب تطور أدوات صناعة السينما وارتفاع وعي الجمهور ,  فقد قدمت السينما في الستينات نموذج غاية في الوحشية لنبتة بثلاثة رؤوس يمتلك كل منها ما يشبه الاسنان الحادة وكانت تحيط بفم كبير , اما في الثمانينات فقد تطورت هذه الصورة لتظهر بعض النباتات الوحشية  التي تتصالح مع البشر وتعيش في المنازل كما لو انها حيوانات اليفة .
اما في الفترة الممتدة من تسعينيات القرن العشرين الى يومنا هذا فقد ركزت الأفلام السينمائية على نوعين من النباتات الشيطانية أولها النباتات المسحورة او التي تعيش في عوالم الشياطين ومنها ما ظهر في سلسلة أفلام هاري بوتر او في فيلم ملك الخواتم , والنوع الثاني هو تلك النباتات التي تأثرت اما بالتلوث الكيميائي او بلعنة الدماء التي شربتها خلال الحروب او الصراعات العرقية ومن هذه النماذج ما ظهر في ” The Happening ” والذي انتج عام 2008 ويتحدث عن نباتات اكلة للحوم البشر لكنها خجولة حيث لجأت الى احد الابار التي خلفتها حضارة المايا وصارت تأكل كل من يقع في شباكها من السياح والمستكشفين .

هل النباتات الشيطانية حقيقية بالفعل ؟! :

يتساءل المرء حين يرى كل هذه النماذج من النباتات المجنونة او التي أصابها ما يشبه المس الشيطانية عن إمكانية وجود مثل تلك النماذج على ارض الواقع , والحقيقة الواضحة انه لا يوجد نباتات تهاجم البشر على الاطلاق , لكن يوجد نباتات اكلة للحوم الحشرات مثلا او نباتات قاتلة تنتشر بسرعة رهيبة فتقضي على كافة الكائنات الحية والنباتات الأخرى في مساحات شاسعة لكن الانتشار لا يكون في دقائق بالطبع .

النباتات آكلة اللحوم

النباتات اكلة اللحوم هي نباتات فريدة من نوعها تعيش  بيئات فقيرة بالمواد الغذائية لذا تجد في الحشرات والفئران الصغيرة بديلا جيدا يوفر لها المواد الغذائية , وهناك بعض الأنواع التي تعيش في المستنقعات , وكان اول من أشار الى هذه النباتات هو العالم داروين في العام 1875 في معرض بحثه لإثبات نظرياته المتعلقة بالتطور , ويوجد في العالم اليوم اكثر من 625 نبتة اكلة للحوم حول العالم.

للنباتات اكلة اللحوم اشكال متعددة فمثلا تتكون ورقة  نبات يسمى خانق الذباب او مصيدة فينوس مما يشبه الفكين اللذين  يطبقا على الحشرة بمجرد ملامستها للسطح الخارجي للورقة , اما نبات ندى الشمس فيفرز عصارة لزجة تحتوي على مواد جاذبة للحشرات مما يجعل الحشرة تقبل عليها وتلتصق بها ,  فيما يكون قمع نبات انسيز  على شكل جرة , ولجذب الحشرات للدخول فيه فإنه يحتوي كمية قليلة من السائل وبمجرد دوخل الحشرة يطبق عليها ويقوم بتحليل جسمها , اما اغرب النباتات اكلة الفئران حيث تقوم بالتهام الفئران الصغيرة الباحثة عن طعام داخل تجويف الزهرة العملاقة للنبتة  ومن خلال عصارة موجودة في النبتة يتم هضم جثة الفأر .

نماذج أخرى من نباتات لها علاقة بالشيطان او الشر

هناك نبات يدعى مخلب الشيطان وقد سمي بذلك بناء على شكله فقط ويسمى أيضا الخطاف وهو عبارة عن عشبة طبية تعيش في مناطق متعددة من قارة افريقيا ويستعمل في علاج العديد من الامراض ولا علاقة له بالشر او الشيطان الا من خلال تسميته فقط بل على العكس يعتبر من النباتات التي تقدم حلا فعالا لكثير من المشاكل الصحية .
اما فيما يخص النمو السريع لنباتات تقوم بتدمير البيئات التي تدخل اليها وتقضي على النبات فإن اشهر هذه الحالات هي ما تعاني منه بعض البحار من انتشار أنواع معينة من الطحالب البحرية السامة والتي تقضي على كافة أنواع النباتات البحرية وتؤثر في الكائنات الارقى مثل القشريات او الأسماك .
تتأثر النباتات بالتلوث او بما تقوم به بعض الدول من تجارب في الهندسة الوراثية لكن لم يسجل تحول نبات الى وحش ولو ان بعض التعديلات الجينية التي تمت لبعض النباتات أدت الى زيادة معدلات نموها بشكل جنونية مما أدى الى تدمير البيئات التي زرعت فيها , كما يمكن للتلوث ان يتسبب في بعض الطفرات الجينية التي تغير من مواصفات نبات معين لكنه لن يتحول الى وحش بالطبع وهو ما تعرضه بعض الأفلام الحديثة من تحول نبات الى وحش بمجرد تعرضه لملوثات كيميائية او بيولوجية معينة.
يطلق بعض الكتاب تسمية النباتات الشيطانية على بعض النباتات التي تنتج المواد المخدرة ولكن هذه التسمية ليست رسمية وغير مستخدمة بشكل كبير حول العالم وان كان الشر الشيطاني الذي تسببه يجعلها تستحق هذا اللقب بكل جدارة, لكن هناك توجه عام بإطلاق لقب نبات شيطاني على كثير من النباتات السامة والمؤذية للبشر في غالبية ثقافات العالم.
يمكن القول ان سبب ظهور تلك النباتات الشيطانية المتوحشة في الأفلام هو مشاهدات العلماء لكثير من أصناف النباتات اكلة اللحوم , وكغيرها من الكائنات التي ظلت مجهولة لغالبية سكان الكرة الارضية كانت هذه النباتات مادة جيدة لابتداع وحش جديد يمكن استعماله لزيادة المتعة الممزوجة بالرعب في الأفلام.
السابق
شكرا لتعليقك