نسروخ



في الكتاب المقدس بصورة خاصة في موضوع منح الملائكة الساقطة فرصة للتوبة كان لوسيفر واحد من أعلى مراتب الملائكة ، ربما يكون أعلاها كما جاء في حزقيال 28:14 حيث كان لوسفير وكل الملائكة في محضر الله بإستمرار ويعرفون مجد الله ، لذلك لم يكن لديهم عذر للتمرد على الله والإبتعاد عنه ، وكان تمرد لوسيفر والملائكة الآخرين ضد الله بالرغم مما يعرفونه هو أقصى درجات الشر كما يعتقد البعض ، بالإضافة لهذا ، أشار الله للملائكة الذين ظلوا أمناء له بأنهم "الملائكة المختارين" كجبرائيل وميكائيل وغيرهم ، ونحن نعرف من تعاليم الكتاب المقدس عن ذلك الإختيار ، أن من يختارهم الله للخلاص سيخلصون ولن يفصلهم شيء عن محبة الله ، ومن الواضح أن الملائكة الذين تمردوا على الله لم يكونوا "ملائكة مختارين" من الله وأصبحوا ملائكة ساقطه تم معاقبتهم أو نفيهم من الجنة .
معظم هذه الملائكة خلقت جيدة لكنها انقلبت لتصير سيئه وفي معظم الأحيان النفي هو عقوبة التمرد أو عصيان إرادة الله ، بالتأكيد أشهر الملائكة الهابطة من الجنة هو لوسفير أو المعروف شعبياً بإبليس ولكن معه ملائكة آخرين تم نفيهم إلى الأرض ومعاقبتهم ومن جملة هؤلاء الملائكة الساقطة هو "نسروخ" ذلك الملاك الساقط والذي كان ملاكاً قوياً له مكانه عظيمة بين الملائكة الذي تمرد على الله ووقف مع لوسفير وهبط مسخاً إلى الأرض برأس نسر وله أجنحة تشبه أجنحة الخفافيش وكان ولا يزال واحد من اعظم الآلهه الذين عبدهم الآشوريين والكلدانيين في العراق القديم .
   

الإله نسروخ الآشوري
من المعروف أن نسروخ كان أحد الآلهة الآشورية وكان له هيكل في نينوى ، وكان الملك سنحاريب يتعبد له وفي معبده قُتل وقد قتله أبناءه أدرملك و شرآصر ، نسروخ في العربية هو "نصّر" أو نسر أو نسرا ، وفي العبرية נִסְרֹךְ وفي المدراش نسروخ هي كلمة مشتقه من الكلمة العبرية "نسر"  والشائع للذين لا يعرفون من هو نسروخ على حقيقته أن نسر كان الإسم الذي يطلق على لوح من الخشب اكتشفه سنحاريب عند عودته إلى آشور عندما دمر بابل ويهوذا 700-701 قبل الميلاد من إحدى حملاته العسكرية وهذا ليس صحيحاً ، وفي اليهودية يعتقدون أن هذا اللوح كان في الأصل جزءاً من سفينة نوح ، ولكن سبب عبادة نسروخ أن نسروخ ظهر للملك سنحاريب وكان قد أبرز له قدراته الساحره وعلومه اللامتناهية وقوته الجبارة ووعده بأنه سيحكم الأرض من مشارقها ومغاربها إذا كان له إلهاً وبعد ذلك عبده سنحاريب بالفعل وجعل له صنماً في معبده الفاخر .
نسروخ في وصفه هو برأس نسر مع أذرعة وساقين ومخالب وجسم يشبه الجسم البشري ، كان عملاقاً يُغطي جسمه الريش الأسود وله أجنحة كأجنحة الخفافيش ، وفي الكتاب المقدس نجد ذكراً لنسروخ بعد هلاك جيش سنحاريب ملك آشور أمام أورشليم في أيام حزقيا الملك إنصرف سنحاريب وذهب راجعاً وأقام في نينوى وفيما هو ساجد في بيت نسروخ إلهه ، ضربه أدرملك وشرآصر ابناه بالسيف  "الإصحاح التاسع عشر من سفر الملوك الثاني" وهو بنى مدينة نسير قسري التي تقع في أربيل على الحدود العراقية الإيرانيه بالقرب من جبل نسير Nisir "بيرة مكرون حالياً"  وبنى سنحاريب معبد نسروخ ونصب فيه تمثال نسروخ الإله وهو تمثال على شكل رجل له رأس وأجنحة نسر كما تقدم  . 

نسروخ في الأديان وفي دراسة الشياطين
تنظر بعض المؤلفات الدينية لنسروخ على أنه من رؤساء الجن والشياطين ولم يكن ملاكاً بل شيطاناً وكان في مرتبة الملائكة كإبليس ، كتب "يوهان وكولين دي بلنسي" أن نسروخ هو رئيس أمراء الجحيم ، وفي الأساطير البابلية كانت هناك سبعة شياطين معروفة بالشر منهم "نسروخ" و "شيدو" و "بازوزو"  و "أزو" و"لاماسو" والأخير يُمثل في شكل الثور المجنح وله تعويذه تستخدم كوقاية في القصور الملكية ، وكل الآلهة التي عُبدت في الدين البابلي والآشوري القديم كان لها مقاعد في السماء مع الأجرام السماوية و الكواكب والنجوم إلى جانب عبادة الشمس والقمر ، ووضع الآلهة من الملائكة الساقطة كلاً في مقعده ،  كانت الخطوة الأولى في هذا النظام الديني أدت إلى تحديد كوكب الزهرة مع عشتار ، وكوكب المشتري مع أداد ، والمريخ مع نركال ، وعطارد مع نابو ، ونبتون مع نينورتا ، ونانار مع القمر ، وشماش للشمس ، أما نسروخ مع نيبيرو ، وفي الأدياننجد في الإسلام أن القرآن يقول أن الشيطان كان من الجن ، ولا يمكن للملائكة أن يعصون الله قبل سقوط إبليس والذي يُسمى ديابولوس في اليونانية وأنه تمرد ونفي إلى الأرض ، ووفقاً لآيات متعلقة بذلك في المصطلحات الإسلامية ، نجد أن الجن مثل البشر لديها القدرة على اختيار ما إذا كان في طاعة الله أو عصيانه ، وهو ما يعني أن لديهم الإرادة الحرة ، الملائكة الساقطة كإسم صريح ليست في القرآن والقرآن ينص صراحة على أن الملائكة ليس لديهم الإرادة الحرة ولكن هم عبيد لله ، ولكن من الملائكة التي هبطت على الأرض التي ذكرت في القرآن هم هاروت وماروت اثنين من الملائكة أرسلوا لإختبار الناس في بابل ، والسؤال لماذا في بابل تحديداً ؟ لأن بابل وأهل بابل اعتادوا على عبادة الملائكة الساقطة ومنها الملاك الساقط "نسروخ" الذي ذكر في القرآن كإله يُعبد في الآية لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسرا 
في المسيحية واليهودية هبط الملاك نسروخ إلى الأرض ويشار إليه كملاك شرير متمرد ويشار إليه في أوقات أخرى بأنه التنين ، وألقي به من السماء وكان مع الملاك لوسفير الذي رفض الله ، في العهد الجديد سفر الرؤيا  12:3-14 يتحدث عن التنين الأحمر العظيم الذي اجتاح  السماء وألقي به إلى الأرض ، وفي الآيات 7-9 بعد الهزيمة في حرب السماء العظيمة كان التنين وملائكته قد حاربواميكائيل وملائكته وألقي التنين العظيم إلى أسفل الأرض وألقيت إلى أسفل الأرض ملائكته الذين وقفوا بجانبه معه ، وعلى أساس تفسير أشعيا  14:1-7 الذي يصف ملك بابل كنجم الصباح الذي سقط إلى الأرض ، سقطت في العبرية הילל وعندما فُسر هذا الوصف إذا كان يتعلق في ما إذا كان ملاكاً وليس ملكاً بشرياً في صورة نجمة الصباح - سقط الملاك نجد أن ذلك ينطبق على نسروخ ، وفي بيانيسوع في إنجيل لوقا 10:18 "رأيت الشيطان يسقط مثل البرق من السماء" وعلى ذكر سقوط الشيطان في سفر الرؤيا 12: 8-9 في المسيحية الناطقة باللغة اللاتينية يُعتقد أن نسروخ هو الذي يُشار إليه في النص. 

مردوخ لم يكن إلا نسروخ
لنأخذ الأمر من البداية بالتحديد مع الأنوناكي من هم الأنوناكي ؟ الأنوناكي هي مجموعة من الآلهة في بلاد ما بين النهرين القديمة "السومرية والأكادية والآشورية والبابلية ، يتم كتابة اسماء مختلفة لها مثل "دا نونا" أو "نون دا نا" بمعنى "النسل الأميري" أو "نسل آنو" وهناك ترجمة بديلة وهي "هؤلاء الذين من السماء وجائوا إلى الأرض" ويرتبطون في نهاية المطاف مع العالم السفلي ، حيث أنهم يأخذون إسم إله قديم في السماء وهو "آنو" وكذلك في الآشورية والبابلية يستخدم إسم انوناكي للإشارة إلى آلهة السماء بشكل جماعي ، كما أنها تستخدم في الإشارة إلى آلهة العالم السفلي ، وكثير من المؤمنين بالكائنات الفضائية يعتقد أن الأنوناكي هم من الفضائيين القدامى الذين كانوا على الأرض وساهموا في إعمار الأرض وبناء العالم القديم بشكل مدهش ، في ملحمة الخلق للإله الذي جاء من السماء "مردوخ" الملاك الساقط كان كبير آلهة بابل وصاحب السيادة والمولى الأعظم وكان مولى السماء والأرض بحسب اعتبار البابليين ، وقوته كانت تكمن في حكمته ، وبحسب شريعة حمورابي "أعطى آنو الإله السامي مردوخ لقب الملك الأبدي ومنحه المقام الأول بين كل آلهة السماء ، ولكن عندما ننظر إلى الإنوما إليش والأدب الأكادي وآلهة وشريعة الآشوريين يتبين لنا أنه لم يكن إلا نسروخ ، وفي اللغة الآشورية القديمة كلا الإسمين يعني النسر ، لأنهم يؤمنون أن هناك 300 إله "ملاك ساقط" جاء من السماء إلى الأرض وبحسب الآشوريون واعتقاد الخلق في الثقافة البابلية القديمة فأن نسروخ أو مردوخ يقسم الأنوناكي "الملائكة الساقطة" في الأرض ويعين لهم أماكنهم المناسبة ثلاث مئة في السماء وثلاث مئة على الأرض ، ووفقاً للثقافة البابلية والآشورية كان الأنوناكي أبناء "آنو - وكي"  ولو تلاحظون أن التماثيل والنقوش والرسومات القديمة لمردوخ ونسروخ هي نفسها مع الإختلاف في شكل الرأس ، حيث تجدون أن كلاً منهما له أجنحة ، كذلك الاثنين يرتدون ما يشبه السوارة على اليد مع قرص وهي تشبه ساعة اليد تماماً ، والاثنين يحملون الحقيبة في قبضة يد واحدة ، وفي اليد ما يشبه نبتة الصنوبر ويرتدون شرابات والجلباب الملكي الفاخر لأن نسروخ كان له القدرة على التشكل والتغير في رأس انسان ويرجع إلى طبيعته برأس النسر في أي وقت يشاء ، ولا ننسى أن هذه الآلهه عند الآشوريين مرتبطون مباشرة مع العالم السفلي وهذا يعني أن نسروخ لم يكن إلا ملاكاً ساقطاً جاء من السماء فعلاً كما يقول الآشوريين ، حاله كحال لوسفير وغيره من الملائكة الساقطة التي ارتبطت بعد أن هبطت إلى الأرض مع العالم السفلي 
أخيراً كان "زكريا سيتشين" الكاتب والمفكر الأمريكي من أصول أذرية 1920/07/11 - 2010/10/09  قد إقترح أصول الإنسان القديم ورواد الفضاء القدامى من الأنوناكي وفقاً للثقافة السومرية القديمة للأنوناكي كجنس من كائنات فضائية من كوكب نبتون أو كوكب نيبيرو ، فهو يعتقد أن هذا الكوكب مداري بيضاوي الشكل في النظام الشمسي للأرض ، مؤكداً أن الأساطير السومرية تعكس وجهة النظر هذه
 ، أنا اتفق مع السيد زكريا سيتشين في ذلك ولكن اختلف معه أنهم ليسوا كذلك تماماً ككائنات فضائية بالوجه الذي نعرفه ، هم كائنات فضائية بالفعل ولكن من جنس الملائكة ، إنهم ملائكة ساقطة وكان على رأسهم الملاك الساقط نسروخ الذي كان وراء العلم والمعرفة والتقدم التيكنولوجي المذهل الذي علمه للحضارة الآشورية والبابلية ، هؤلاء الملائكة الساقطة كان لهم فضل كبير في التقدم العلمي والتيكنولوجي الذي لا نفهمه حتى الآن حول كيفية امتلاك تلك الحضارات القديمة كل المعرفة ، ومع ذلك لا تقدم لنا الكتب الدينية المقدسة أي سند للإعتقاد بأن الملائكة الساقطة سوف يتوبون حتى لو أعطاهم الله الفرصة لذلك ، ويبدو أن الملائكة الساقطة مكرسين بالكامل لمعارضة الله ومهاجمة شعب الله وفق مصالحهم ! وترى الكتب المقدسة أن الملائكة الساقطة يستحقون فعلاً غضب الله نظراً للمعرفة الهائلة التي كانت لهم.

شكرا لتعليقك